فجعل لا يأتي علي ماء لبكر إلا أكرمه سيدهم ، و نحر له وقراه ، حتي نزل قضوان وعليه ابن الطويلة
التيمي ، أي ( و ملكها وسيدها ) فلما أصبح الصباح
ونادي قضوان قريب من المنزل الذي نزل به حاجب بن زرارة فأمر بنطع ( قطعه من الجلد ) ثم أمر فصب عليه
التمر ؛ ثم نادي حي علي الغداء .
فنظر ابن الطويلة ، فوجد أنه حاجب فقال لأهل المجلس : أجيبوه ؛ فإنه سيد
قومه ، فأتي إليه القوم وأكلوا معه ثم
أهدي إليه بن الطويلة جزوراً ( أبل صغير )
وشياهاً ، فنحر وأكل و أطعم .
و لما أراد حاجب الرحيل قال له ابن
الطويلة : إني معك حتي تبلغ مأمنك ؛ فإني
لا أدري ما يعرض لك أمامك .
فقال له حاجب : ليس أمامي أحد أخافه علي .
وأرتحل حاجب حتي وصل إلي كسري فلما
رأه شكا له الجدب و قلة الماء والكلأ وقلة الأموال ، وطلب من كسري أن يأذن لهم
فيكونوا في حد بلاده حتي يعيشوا ويحيوا فقال له كسري : إنكم معشر العرب تحرصون علي الفساد فإذا أذنت لكم
أفسدتم البلاد و أغرتم علي الرعية وأذوتوهم
. فقال حاجب : فإني ضامن للملك ألا
يفعلوا ، قال كسري : ومن لي بأن تفي بما
تقول ؟ فقال حاجب : أرهنك قوسي بالوفاء
بما ضمنت لك .
فلما جاء حاجب بقوسه ضحك القوم الذين حول الملك لما رأوا قوسه وقالوا :بهذه
العصا تفي للملك بما ضمنت .
فقال الملك لهم : ما كان ليسلمها لشئ أبداً .
وأمرهم فقبضوها ، وأذن الملك للعرب في أن يدخلوا المراعي ويقيمون علي حدود بلاده .
مكث بنو زرارة في بلاد كسري حين من الزمن و
مات حاجب ، وبعدها زال القحط وخرج
بنو زرارة إلي بلادهم وذهب عطارد
بن حاجب إلي كسري ليطلب قوس أبيه ، ولما دخل علي كسري وكلمه في القوس قال له كسري
: ما أنت بالذي وضعتها عندي . فقال عطارد : أجل أيها الملك ! ما أنا الذي وضعتها .
فقال كسري ماذا فعل الذي وضعها عندي ؟ قال له عطارد : هلك ، وهو والدي ، وقد وفي لك أيها الملك بما ضمن
لك عن قومه ، ووفي هو بما قال للملك ؛ قال كسري : ردوا عليه قوسه وكساه . ضرب لنا
حاجب بن زراره وابنه عطار وكسري أروع المثل في الوفاء بالعهود .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق