من خطب الحجاج ومواقفه :
لما قتل الحجاج عبد الله بن الزبير صعد
المنبر متلثماٌ ، فحط عنه اللثام وقال :
" موج ليل ألتطم ، و انجلي بضوء صبحه ، يا أهل الحجاز كيف رأيتموني ! ألم
أكشف الجور ، و طخية الباطل بنور الحق ؟
والله لقد وطئكم الحجاج وطأة مشفق ، و عطفة رحم ، و وصل قرابة ، فإياكم أن
تزلوا عن سنن أقمناكم عليه ؛ فأقطع عنكم ما وصلته لكم بالصارم البتار ، و أقيم من
أودكم ما يقيم المثقف من أود القناة بالنار "
ثم
نزل وهو يقول :
أخو الحرب إن عضت
الحرب عضها و إن شمرت عن ساقها الحرب
و قال وقد ارتجت مكه بالبكاء :
" ألا إن
ابن الزبير كان من أخبار هذه الأمة ، حتي رغب في الخلافة ونازع فيها ، و خلع طاعة
الله ، و استكن بحرم الله . ولو كان شئ ماتعاً العصاة ، لمنع آدم حرمة الجنة ، لأن
الله تعالي خلقه بيده . فلما عصاه أخرجه منها بخطيئته ، و آدم علي الله أكرم من
ابن الزبير ، والجنة أعظم حرمة من الكعبة "
خطبة الحجاج لما قدم البصرة يتهدد أهل العراق فقال :
" أيها الناس من أعياه دواؤه
فعندي دواؤه ، ومن استطال أجله – فعلي أن أعجله ومن ثقل عليه رأسه وضعت عنه ثقله ،
ومن استطال ماضي عمره قصرت عليه باقيه .
إن للشيطان طيفاً ، و للسلطان سيفاً فمن سقمت سريرته صحت عقوبته ، ومن وضعه
ذنبه رفعه صلبه، إني أحذر ثم لا أعذر – و أتوعد ثم لا أعفو . إنما أفسدكم ترنيق
ولاتكم إن الحزم و العزم سلباني سوطي ، وأبدلاني به سيفي ، فقائمه في يديه ونجاده
في عنقي ، و ذبابة قلادة لمن عصاني . والله لا آمر أحدكم أن يخرج من باب من أبواب
المسجد . فيخرج من الباب الذي يليه إلا ضربت عنقه "
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق