وما يفعلة الاب يرثه الابناء ، وها هو
النعمان يسير سيرة ابيه فنسرد قصة النعمان بن المنذر بن ماء السماء .
في يوم من الايام خرج النعمان بن المنذر للصيد مع رفقائه ووزراءه وكان له
فرس يسمي اليحموم فجري بفرسه وراء عير (
حمار وحشي ) ليصيده فجري اليحموم ولم يتمكن النعمان من فرسه فبعد عن وزرائه وندمائه و أمطرت السماء
عليه فأخذ يبحث عن ملجأ من المطر المنهمر فوجد بيت فيه رجل من قبيلة طئ اسمه حنظله
ومعه امرأتة فطلب منهم النعمان المأوي
فأواه حنظلة في بيته .
ولم يكن عند حنظله الا شاة ولا يعرف النعمان ولكن النعمان له هو ضيف وعليه إكرامه .
فقال حنظلة لأمرأته : أري
رجل ذا هيئة ، و ما أخلقه أن يكون شريفاً ،فما الحيله ؟
فقالت زوجته : عندي شئ من طحين ، فأذبح الشاة لأتخذ من الطحين خبزاً .
وأخرجت المرأة الطحين فخبزتة ، وقام
حنظله الي الشاة فحلبها ثم ذبحها ، فأتخذ من لحمها مرقة وطبخها واطعم النعمان من لحمها وسقاه من
لبنها وأحضر له شرابا وسقاه اياه وأخذ يحدثه طوال الليل حتي غلبهما النوم .
وفي الصباح لبس النعمان ثيابه ، وركب فرسه ، ثم قال يا اخ طئ ؛ أطلب ثوابك
، أنا الملك النعمان . فقال حنظله إن شاء الله افعل ثم اطلق النعمان العنان
لليحموم وانضم الي رفاقه ثم مرت ايام
واعواماً..
بعد تقلب الايام مرت نكبة بحنظلة الطائي
وساءت أحواله فقالت له زوجتة لو أتيت الملك لأحسن أليك ؟
ذهب الرجل الي الحيرة وكان نفس اليوم هو يوم بؤس النعمان وكان النعمان جالس
بخيله ورجاله عند الغريين ، فلما نظر إليه النعمان عرفه ، فوقف حنظله الطائي بين
يدي النعمان ، فقال له أنت الطائي الذي نزلت عنده يوم كذا و كذا فقال له حنظله نعم
انا فقال له النعمان : أفلا جئت في يوم غير هذا؟
فقال حنظله : وما علمي بهذا اليوم .
فقال النعمان : والله لو خرج لي في هذا اليوم قابوس ( ابن النعمان ) لم
أجد بداً من قتله فأطلب حاجتك من الدنيا ، وسل ما بدا لك فإنك مقتول .
فقال حنظله الطائي :ما أصنع بالدنيا بعد نفسي
؟
فقال النعمان : إنه لا سبيل إليك وانك مقتول
.
فقال حنظله : فإن كان لابد فأجلني حتي ألم
بأهلي ، فأوصي إليهم ، وأهئ حالهم ، ثم اتيك .
فقال النعمان : فأقم لي كفيلاً بموافاتك .فألتفت الطائي إلي شريك بن عمرو ( شريك بن
عمرو هذا يجلس علي يمين النعمان ويشرب من بعده ويجلس علي كرس يالحكم إذا غاب النعمان او سافر في غزو )، وهو واقف
بجوار النعمان فقال له حنظله :
يا شريك يا ابن عمرو هل
من الموت محاله
يا أخا كل مصاب يا
أخا من لا أخا له
يا أخا النعمان فك الـ
ـيوم ضيفاً قد أتي له
فرفض شريك هذا أن يضمن حنظله ، فقام رجل من
بني كلب اسمه قراد بن أجدع فقال للنعمان : هو علي أنا اضمنه
فأمر النعمان لحنظلة بخمسمائة ناقة ؛ فمضي
حنظلة الي اهله علي ان يرجع بعد حول كامل
اي عام كامل ليقتلة النعمان .
مر العام وخرج النعمان في رجاله وسلاحه وذهب
للغريين وجلس بينهما ومعه قراد بن أجدع و
أمر بقتله ، فقال له وزراءه ليس لك ان تقتله حتي يستوفي يومه فتركه الي
اخر النهار ؛ وكان النعمان يتمني أن يقتل
قراد ليفلت حنظله من القتل ؛ فلما قاربت الشمس علي المغيب اوقفوا قراد و شدوا
وثاقه ووضعوه علي النطع والسياف وقف بجواره ليقطع عنقه وبينما هم كذللك لاح لهم
شخص من بعيد ، فأمر النعمان بقتل قراد فقال له وزرائه ليس قبل ان نعلم من هذا
الشخص ؟ فإذا به هو حنظله نفسه .
فلما نظر النعمان الي حنظله حزن لمجيئه وقال له ما الذي حملك علي الرجوع
وقد افلت من القتل ؟ فقال حنظله الوفاء ، فقال له النعمان وما دعاك الي الوفاء ؟ فقال حنظله ديني . قال
النعمان وما دينك ؟ فقال حنظله النصرانيه , فقال له النعمان أعرضها علي ؟ فعرضها
عليه ؛ فتنصر النعمان و أهل الحيرة جميعا وترك القتل منذ هذا اليوم وابطل تلك السنه ، وامر بهدم الغريين ، وعفا عن
قراد والطائي ؛ وقال والله ما أدري ايهما
أوفي وأكرم ؛ أهذا الذي نجا من القتل فعـــــاد ، أم هذا الذي ضمنه ؟ والله لا أكون ألأم
الثلاثة ؛ فأنشأ الطائي شعراً قال فيه :
ما كنت أخلف ظنه بعد الذي أسدي
إلي من الفعال الخالي
ولقد دعتني للخلاف ضلالتي
فأبيت غير تمجدي وفعالي !
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق